الخميس، 20 يونيو 2013

عن الصحوة ..





مدخل
.
مطرٌ ناعمٌ في خريف بعيد
والعصافير زرقاء .. زرقاء
والأرض عيد


عن الصومال نحكي، الصومال الجديدة لاتشبه نفسها في شيء، بل تشبه كثيراً صومال الماضي قبل الدمار وقبل الحروب، تلك الحضارة التي رأيناها تموت على مهل حتى اندثرت منذ أيام سياد بري تصحو الآن من قبرها وتعود إليها الحياة على يد العائدين من أبنائها الذين تمسكوا بالحلم وبمساعدات عربية وتركية في المجالات العلمية والصحية والتقنية ومجال التنمية وتطوير الشباب وكذلك الفنون والثقافة التي لم تحصل على حقها من الاهتمام من قبل.

الصحوة الصومالية ظهرت حديثا بعد انتخاب الرئيس الحالي حسن شيخ محمود الذي بذل مجهودات واضحة في اعادة العلاقات الدبلوماسية العربية- الصومالية ، ولكن بوادر هذه الصحوة كانت قبل الاجتياح الاثيوبي قصير الأمد وكانت أولى علاماته الجامعات الكبرى التي ظهرت في مدن كثيرة وأخرجت دفعات متتالية من الخريجين والخريجات رغم صعوبة الأوضاع حينذاك ورغم المحاولات المتكررة لاحباط مجهود هذه الجامعات والهجوم التفجيري مرة تلو الأخرى من قِبَل الجماعة الارهابية التابعة للقاعدة "الشباب"، فكان الأمر أقرب للمجاهدة أكثر من كونه تعليماً، في هذا الشان يقول البروفيسور علي الشيخ أحمد أبوبكر رئيس جامعة مقديشو " إن التعليم الجامعي يعد أملاً للشعب الصومالي الذي عانى من ويلات الحروب الأهلية ووصل إلى مرحلة اليأس.. لكن الجامعات لعبت دوراً مهماً في بث روح التفاؤل لدى المجتمع الصومالي من جديد والبدء في بناء مستقبل جديد" ويوافقه رئيس جامعة بوصاصو د. محمد علي فارح بقوله أن التعليم الجامعي الذي ظهر بعد انهيار الحكومة ساهم في توطين التعليم وعدم الالتحاق بالجامعات الخارجية، وساهم أيضاً في وقف هجرة العقول المثقفة مما ساعد في تطوير أداء العملية التعليمية.

أما بقية ملامح الصحوة الحضارية فقد ظهرت تدريجيا بتولي الشيخ شريف للرئاسة ثم توالت بشكل مفاجئ كأنها انفجار بركاني حتى وصلت الأنشطة الفردية والمؤسسية ذروتها بتولي الرئيس الحالي حسن شيخ محمود للحكم فعادت الحياة مجدداً إلى مدن كثيرة بفضل نشاطات فردية مثل مدينة عدادو cadado التي تبعد عن العاصمة مقديشو نحو 600كم شمالا وهي عاصمة إقليم حمن&حيب ximan iyo xeeb والتي أصبحت في ظل النشاط المتزايد مثالا نموذجياً للنهضة الحضارية متسارعة الايقاع، فقد بدأت من الصفر قبل أربع سنوات حيث كانت أشبه بالقرية بعيدة كل البعد عن أشكال الحياة العصرية الحديثة وفي خلال هذه الفترة القصيرة تم إنشاء مدارس متعددة لجميع المراحل متضمنة مكتبات عامة تمتلئ بكتب شاملة لجميع مجالات الحياة، ثم إنشاء مركز للشباب والرياضة يتبنى فريق لكرة القدم بمدرب متفرغ ذو خبرة واسعة، كذلك أنشأ المواطنون في مدينة عدادو مستشفى ومركز صحي خيري بمجهوداتهم الذاتية وأبدى سكان مدينة عدادو اهتمامهم بالمنظر العام فبدأ الاشتغال بتطوير المنازل وتنظيم حركة البناء داخل المدينة وإعطاء فن العمارة فرصة للإزدهار، كما عُنيَ أحد النشطاء الاجتماعيين وهو السيد "أحمد شيخ حسن" عناية خاصة بالجانب الزراعي للمدينة فأنشأ الحدائق وزرع الأشجار في أنحائها وكان الناتج أولا اختلاف شكل المدينة تماماً وتحولها من مكان صحراوي إلى أراضي خضراء مشجرة وثانيا زيادة واضحة في المحاصيل مما أثر في مدخول المزارعين وحالتهم المادية.


وهذه المدينة مثال للحالة الراهنة لدولة الصومال بشكل عام بجميع أقاليمها وجميع مدنها شمالاً وجنوباً، وأساس هذه التطورات ليس مجرد انتخاب الرئيس الجيد المكترث لحال البلاد وإنما رغبة الشعب الصومالي في التغيير بعد أنا ضاق ذرعاً بالتغرب والشتات وأصبح يرفض المعاملة السيئة التي يتعرض لها بسبب الاغتراب فصار على استعداد لبذل كل ما يقدر على بذله من أجل إصلاح الوطن وجعله مستَقَراً له ولأبنائه من بعده .. وهكذا تعود النجمة الصومالية للارتفاع في سمائها الزرقاء تصدح بنشيد العودة وتدعو الغائبين للقدوم.



مخرج
.
وتريدين أن تعرفي وطني
والذي بيننا !
وطني لذّةٌ في القيود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق