الجمعة، 14 يونيو 2013

د. نبيل فاروق .. ماذا قدّم للقارئ العربي ؟





د. نبيل فاروق ..
ماذا قدّم للقارئ العربي ؟



لتنفق أولاً أن د.نبيل فاروق عندما أصدر أولى أعداد سلسلته الشهيرة "رجل المستحيل" سنة 1984 قدم خدمة كبيرة لمجتمع القرّاء، فقد انتشلهم من الفجوة الهائلة التي وقع فيها القارئ الشاب ما بين قصص (المغامرون الخمسة) وروايات العقاد بكل تعقيدها وفلسفاتها صعبة الهضم، فبعد أن يتجاوز القارئ مرحلة (المغامرون الخمسة) و(الشياطين الـ13) يجد نفسه أمام عالم واسع من الأدب الفخم المترع بالفلسفة يصعب استيعابه في هذه المرحلة السنيّة فلا يكون أمامه سوى الاستسلام والعودة إلى قصصه السابقة أو ترك القراءة تماماً - وهو ما يحدث كثيراً – باعتبارها جهداً ذهنياً أكبر من مستواه.

إذن فقصص د. نبيل التي كانت لائقة بتلك المرحلة من عمرك - أيها القارئ المعترض - كانت هي الرابط الذي جعلك تصعد في سلم الأدب حتى وصلت إلى ما أنت فيه من انفتاح وثقافة، السلم الأول الذي قدّم إليك الأدب بكل فروعه العربية والعالميّة .. هنا نصل إلى النقطة الثانية وهي أن كتاباته سواء كانت قصصاً أو دراسات من التي احتوتها سلسلة كوكتيل 2000 أو حتى تاريخاً مما قدمه في سلسلة فارس الأندلس، كل هذه الكتابات عرفتك أيها القارئ على أشياء ما كنت لتتعرف عليها إن أنت التزمت الكتب الأدبية الأخرى التي انتشرت في الساحة ذلك الوقت، عصابات المافيا التي انتشرت في العالم حتى فرضت سيطرتها على مدن بأكملها ماكنت لتسمع عنها في نشرة الأخبار ولا تعرفت إلى هذا الكيان الشيطاني المتغلغل في دول كثيرة لولا طريقة د. نبيل فاروق في تقديم المعلومات مبسطة على شكل قصة مسلية، (مثلث برمودا) الشهير والجدل الدائر حوله ماكنت ستدري عنه لو لم تقرأ الدراسة الشاملة التي قدمها في سلسلة كوكتيل 2000 منذ أكثر من عشر سنوات رغم وجود من لم يسمع بهذه النظريات حتى الآن وهو ما أراه قصوراً في المعرفة، الصعود إلى الفضاء والتنافس الكبير في الوصول إلى القمر، الحرب الباردة بين القوتين العظميين في العالم آنذاك، جدلية وجود كائنات فضائية والسر وراء المنطقة 51 في صحراء نيفادا، الأمثلة كثيرة لا يمكن حصرها ولكن الخلاصة أنه قدم للقارئ بداية الخيط في كل مجال علمي وتوّج ذلك بالحقائق العلمية التي كان يذكرها ويشرحها في هوامش كل قصصه حتى استطاع بعض القراء جمع موسوعة علمية كاملة وهو ما يؤكد الثراء العلمي لكتابات د. نبيل بسلاسله المتنوعة.

أما من الناحية المجتمعية فقد استطاع د. نبيل فاروق أن ينشئ للقارئ الشاب جواً من الحماس الوطني يغرس فيه مع كل قصة المزيد من مشاعر الانتماء إلى الوطن العربي الكبير والغيرة على مصالح بلاده، ثم كان في مقدوره أن يبتكر شخصية أسطورية أقرب إلى المثالية تتمثل في بطل سلسلة رجل المستحيل "أدهم صبري" وهو الشخصية التي نافس بها الشخصيات الروائية الشهيرة من نوعية جيمس بوند وشيرلوك هولمز الذين انبهر بهما العالم لوقت طويل وجعل منهما قدوة لهم، أدهم صبري بقدراته القتالية المتعددة كسر في نفوسنا الانبهار بالتفوق البريطاني الذي كوّنته شخصية جيمس بوند وقضى بفطنته الواسعة وسرعة بديهته على الذهول من العبقرية البريطانية التي أقنعتنا بها شخصية شيرلوك هولمز وساعد طبعاً في التخلي عن "عقدة الخواجة" التي ماتزال منتشرة ولكن ليست بالكثرة السابقة .. ثم لم ينسَ أن يضفي عليه المثل والقيم الإسلامية والعربية التي أخرجتنا من جو التهتك الأخلاقي الذي تعرضه شخصية جيمس بوند في كل قصة.


وأخيراً فإن ما قدمه هذا الرجل للمكتبة العربية أكبر من أن نقلّل من شأنه، وأعظم فائدة من أن نستهين به .. علمياً وذهنياً واجتماعياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق