الخميس، 15 مارس 2012

أشتاق القاهرة





اليوم
كان صباحي لطيفاً وشمسه لطيفة هادئة
كان - ولأول مرة - مليئاً بالنسمات العذبة
صباحٌ جديد من نوعه لم أعرفه منذ تركت القاهرة
كان صباحاً لذيذاً كقطعة موزٍ باردة

شعرتُ بالفرحة وكأنني سأجد نفسي هناك لمجرد أن الجوّ صالحني قليلاً
احتفلتُ بطريقتي الخاصة وناجيتُ قلمي لفترة
قبل أن أعزم نفسي على كوب قهوة منعشة .. هي الشيء الوحيد الذي يحمل روحها ورائحتها
لم أتمالك نفسي حين تجاوزنا الظهيرة إلى المساء المبكر
كان الهواء لطيفاً خريفياً على غير العادة
تخيلتُ نفسي أنزل إلى سوق الخضار وأشتري الجوافة في موسمها
وأعجبتني خيالاتي لدرجة أنني قررتُ النزول فعلا
إلى البقالة المجاورة


هناك
ذاب كل شعورٍ ولّده الوهم
أيقنتُ فعلاً أني تركتُ القاهرة إلى غير رجعة
وانتابني شيءٌ من القنوط
شوارع مكة الفارغة تُعاديني وتُشعرني بالرفض والانعزال
كلما رمقت أي شخصٍ واجهتني الأعين المُتّهِمة
حذرٌ وتوجس
هذا ما أراه في كل الأعين هنا
وهذا نفسه ما يحيي فيَّ الحنين إلى القاهرة ثانية
تلك البلاد الرحبة الواسعة
واسعةٌ أرجاؤها .. واسعةٌ قلوب أهلها
واسعةٌ حظوظ ساكنيها
وقد كنتُ منهم يوماً


كانت تحتويني حقاً وأصبحت لي بيتاً
والبيت ليس كالمنازل
..
منازل مؤقتة بلا روح ..
ننزل فيها ونحن على يقين بأن الرحيل عنها أقرب إلينا من حبل الوريد
هذا هو التهديد الذي نعيشه يومياً في بلاد الإنعزال
والعزلة غير المُنتهية في النفوس والعيون والشوارع والمدارس
كل شخصٍ هنا منعزل يبني حول نفسه جدراناً عالية وأسيجة شائكة
وكل شيءٍ ساخن مطليٌّ بالعرق
وبالعداء والقلوب الكارهة

هناك تعليقان (2):

  1. المغترب يحيا غريبا داخل منزل تحيطه اسيجة لا يجد سعادته الا في حلم العودة لموطنه
    رائعة يا سعدية
    ربنا يرزقك السعادة و الرضا

    ردحذف
  2. آآمين :) ولك مثله مصطفى
    مشكلة الإغتراب انه من بلد لبلد تختلف الطباع
    فنصطدم كل مرة بطبع أخشن أ أقسى مما تعودنا
    في مثل هذه المواقف تشعر انك في منفى يكرهك ويعاديك

    ردحذف